نقلا عن منتدي السعودية تحت المجهر
تنص المادة (1) من اعلان الأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد المرأة على ما يلي:
يعني مصطلح "العنف ضد المرأة" أي عمل عنيف يرتكب بسبب النوع الاجتماعي وينجم عنه أو يحتمل ان ينجم عنه أذى جنسي أو جسدي أو معاناة تصيب المرأة بما في ذلك التهديد بارتكاب مثل ذلك الفعل او اي شكل من اشكال الاكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء حدث ذلك في المجال العام أو في الحياة الخاصة.
وفقا للجنة الأمم المتحدة للقضاء على التميز ضد المرأة بسبب النوع الاجتماعي وهو العنف "الموجه ضد المرأة بسبب كونها امرأة، أو الذي يؤثر على المرأة بشكل غير متناسب.
وقد ورد في المادة السادسة والعشرين من النظام الأساسي للحكم في المملكة ما نصه: تحمي الدولة حقوق الانسان وفق الشريعة الاسلامية وظاهرة الاساءة الموجهة للمرأة ترتبط بحقوق الانسان فلكل انسان الحق في الحصول على الرعاية الكاملة والعيش بكرامة ولذلك عملت المملكة على تأسيس جمعية حقوق الانسان في اذار - مارس 2004م في اطار توجهاتها نحو التحديث والاصلاح والتي طالت العديد من المجالات بما يخدم الوطن والمواطن في اطار الشريعة الاسلامية من حقوق وواجبات فكانت المملكة من بين 167دولة قامت بالمصادقة على اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة منذ عام 2000م ومن منطلق حرصها على مساندة المرأة حتى يكون لها دور فاعل في المجتمع ولتكون قادرة على اعداد ابنائها وتحمل مسؤولياتهم تجاه اسلامهم ووطنهم وكذلك دورها نحو المجتمع ومشكلاته وقضاياه فتسهم بايجابية في عملية التنمية داخل مجتمعها.
اما التوجهات المستقبلية لخطة التنمية الثامنة في المملكة فقد أولت اهمية خاصة للمرأة فجعلت من اساسها الاستراتيجي الثاني ينصب على "الاهتمام بشؤون المرأة" وتطوير قدراتها وازالة المعوقات امام مشاركتها في الأنشطة التنموية في اطار ما تقضي به القيم والتعاليم الاسلامية والنساء في المجتمع السعودي يمثلن نصف المجتمع تقريبا، حيث بلغ عدد السكان في مدينة الرياض عام 1421ه (7.5) ملايين نسمة، 1425ه اربعة ملايين نسمه وتتطلب هذه الزيادة السكانية أن يصاحبها اهتمام لدراسة اوضاع ومشكلات المرأة للنهوض بها، وفي هذا الملف نسلط الضوء على قضايا العنف التي مورست على المرأة ونحاول ايجاد حلول للحد من هذا السلوك.
نماذج من القضايا التي وردت إلى جمعية حقوق الإنسان
- زوج مارس العنف مع زوجته وهو شخص متعاط للمخدرات ووجدت الزوجة ميتة قتلا تحت العمارة التي يملكها اهل الزوج وأهلها يتهمونه بقتلها لأنها سبق وان لجأت للشرطة هربا من العنف الجسدي الشديد.
- قضية مواطنة سعودية مطلقة 7مرات من زوجها وكل مرة تطلق فيها ويقوم الزوج برفضها يقوم والدها بارجاعها الى زوجها نتيجة الفكر السيئ عن المطلقات حيث ان لها اختاً مطلقة وقاموا بحبسها في غرفة منعزلة لا يوجد بها نوافذ.
- شاب اعتدى على شقيقته المطلقة يتهمها بتعاطي المخدرات والانحراف وذلك بعد طلاقها من زوجها وقد أدى العنف الممارس عليها باصابتها باصابات بليغة ارقدتها بالمستشفى.
- زوج يجبر زوجته على تعاطي المخدرات وترويجها ونتيجة لتعاطي الزوجين لجرعة كبيرة من المخدرات فقد ماتت ابنتهما بسبب مرضها والزوجان غارقان في سكرتهما وبعد افاقة الأم صدمت بالحقيقة المرة ولقد لجأت للجمعية لمساعدتها.
- قضية زوجة تعرضت لعنف من زوجها فخرجت من المنزل ولم يتم العثور عليها وقد لجأ الزوج للجمعية لمساعدته في العثور عليها.
- زوج يهدد زوجته بالقتل بالمسدس وحاول أكثر من مرة استدراج الزوجة الى مكان خارج المنزل لتنفيذ مخططه الاجرامي وبالرغم من أخذ تعهد عليه لم يمنعه ذلك من ممارسة العنف ضد زوجته.
1من 3نساء في العالم تتعرض للعنف
وقد قدمت د. سلوى عبدالحميد الخطيب وكيل قسم الدراسات الاجتماعية في جامعة الملك سعود دراسة تناقش ظاهرة العنف الأسري ضد المرأة السعودية في مدينة الرياض سواء كانت هذه المرأة زوجة أم ابنة أم أختاً واسبابه ووضع الاقتراحات والحلول له.
حيث تتعرض امرأة واحدة على الأقل من أصل ثلاث نساء للعنف في العالم وهناك مليار امرأة يتعرضن للضرب او الاكراه على ممارسة الجنس كل عام (منظمة العفو الدولية 2004).
وتقول د. سلوى من خلال دراستي للحالات التي وردت الى مستشفى الرياض المركزي وجدت ان العنف ضد المرأة نفسها وهو ما يسمى بالتسمم الدوائي (الانتحار) ورعم تحريم مثل هذا النوع من السلوك لمخالفته لتعليم الشريعة الاسلامية الا ان هناك بعض حالات العنف ضد النفس تحدث في مجتمعنا، ونسبتها عالية جدا بين الاناث عنها بين الرجال فقد أكد الاخصائيون الاجتماعيون في المستشفى على أن هناك من 4/3محاولات انتحار بين الرجال كل ستة اشهر في حين ان هناك 96محاولة من انتحار من النساء أدخلت المستشفى من شهر محرم الى شهر رمضان من عام 1425ه.
وقد يستغرب البعض اعتباري التسمم الدوائي نوع من العنف، ولكن كما أوضح دوركايم Durkheim من قبل فان هذا النوع من الانتحار هو نوع من العنف ضد الذات، فاذا ما شعر الانسان بقدر كبير من الاحباط في الوسط الاجتماعي الذي يحيط به، واحس بانه قد وصل الى طريق مسدود وليس له امل في الغد فانه غالبا ما يلجأ الى الانتحار القدري وحالات العنف التي أدخلت الى مستشفى الرياض المركزي في تسعة شهور من بداية محرم (فبراير) الى رمضان اكتوبر من عام 1425، تبلغ 133حالة منها 102سعودية و 31حالة غير سعودية.
الصيف أكثر ارتفاعاً
أي أن متوسط عدد حالات العنف 113حالة في الشهر الواحد كذلك لاحظت د. سلوى الخطيب ان محاولات التسمم الدوائي (الانتحار) التي وردت الى مستشفى الرياض المركزي من شهر محرم الى رمضان من عام 1425بلغت 96حالة منها 63حالة سعوديةو 33غير سعودية، كما يبدو لنا ان نسبة الانتحار تختلف من شهر الى آخر ولكنها بصفة عامة ترتفع في شهور الصيف عنها في الشهور الأخرى.
وتضيف د. سلوى تتحدد علاقة الرجل بالمرأة في المجتمع السعودي من خلال مصدرين رئيسيين: تعاليم الشريعة الاسلامية والموروثات الثقافية التي كانت سائدة في الجاهلية قبل ظهور الاسلام، ورغم حرص الاسلام على تحسين مكانة المرأة الا ان النظرة السائدة للمرأة في شبه الجزيرة العربية كانت نظرة تبعية لا تليق بالمكانات الكريمة التي كفلها لها الاسلام وقد وصف القرآن الكريم هذه النظرة الدونية للمرأة افضل وصف بقوله {واذا بشر احدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ايمسكه على هون أم يدسه في التراب الا ساء ما يحكمون} سورة النحل.
علاقة تسلطية
ورغم محاولة الإسلام تغيير هذه النظرة واعطاء المرأة الكثير من حقوقها الا ان رواسب هذه الحقبة ماتزال سائدة في حياتنا خاصة وان هناك عوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية في مجتمعاتنا المعاصرة مازالت تعزز مكانة الرجل وتمنحه الكثير من الفرص والامتيازات. ومن خلال عدة دراسات قمت بها عن المجتمع السعودي التقليدي والمجتمع البدوي. وجدت أن علاقة المرأة بالرجل في المجتمع السعودي التقليدي سواء في الريف أو البادية كانت تتسم بالكثير من التسلطية والعلاقة الراسية من جانب الرجل والتبعية والطاعة والاستسلام من جانب المرأة فقد كان بعض الرجال يستخدمون الضرب لتأديب المرأة ولم يكن المجتمع يعترض على ذلك لاعتقاد البعض بأن ذلك حق الرجل يمارسه من خلال حق القوامة وان ذلك رمز الرجولة رغم أن مفهوم القوامة في الإسلام تكليف لا تشريف وهي مسؤولية لا تسلط.
أشكال العنف ضد المرأة
كما أضافت أن العنف ضد المرأة في المجتمع السعودي له أشكال عدة مختلفة أهمها:
أ- العنف في محيط الأسرة ويشمل ضرب الزوج أو الأب أو الأخ أو الابن أحيانا الاعتداء الجنسي من قبل المحارم العنف المتصل بالمهر وعضل المرأة ومنعها من ممارسة حقها بالزواج لأسباب اقتصادية أو اجتماعية، جرائم القتل من أجل الشرف.
ب - العنف في إطار المجتمع مثل الاغتصاب والتحرش الجنسي والإرغام على البغاء.
ت - العنف الإداري بسبب التغاضي عن الجرائم التي ترتكب في حق المرأة بدعوى انها أمور اسرية خاصة وعدم وضع عقوبات رادعة لمرتكبيها لمعظم حالات العنف تنتهي بأن يكتب الرجل تعهدا بعدم التعرض للمرأة مرة اخرى كما في حالة العشرينية التي في الطائف والتي حاولت الانتحار خمس مرات هروبا من قسوة أبيها. ورغم ذلك تجبر على العودة لأبيها مرة أخرى. كما ان هناك بعض اللوائح والعراقيل الموجودة والتي تمنع المرأة من ممارسة حياتها بشكل طبيعي دون وجود رجل في حياتها سواء كان هذا الرجل الأب أو الزوج أو الأخ أو الابن أو حتى سائق.. الخ مما يجعل المرأة في حالة عجز دائم.
أسباب العنف ضد المرأة
وترى الدكتورة سلوى ان النظرة الدونية للمرأة والمفهوم الخاطئ للقوامة: في حين ان القوامة للإسلام تكليف وليست تشريفا وهي مسؤولية ملقاة على الرجل للصرف على المرأة وحمايتها ان احتاجت اليه.
الضغوط الاقتصادية والمشكلات الأسرية فإن الخلافات الأسرية عامل هام من عوامل العنف ضد المرأة.
إدمان الكحول والمخدرات والأمراض
وتضطر المرأة لتحمل العنف لأسباب وهي:
@ حرص المرأة على اسرتها
@ عدم وجود بديل آخر امام المرأة
@ اعتقاد المرأة بأنها تستطيع أن تغير الرجل
@ كثرة تعرض المرأة للعنف يؤثر على ثقتها بنفسها
@ عدم وجود استقلالية مادية للمرأة
@ عدم وجود قوانين مكتوبة ومعروفة تحمي المرأة
@ الخوف: كثيراً ما تتحمل المرأة العنف الأسري نتيجة للخوف، الخوف من الزوج أو من الأب أو كلام الناس والخوف على الأولاد أو الخوف من فقدان مركزها الاجتماعي اذا ما طلقت.
@ العادات والتقاليد: تشجع بعض العادات والتقاليد السائدة المرأة على تحمل العنف الأسري لأنها بنت أصول ويجب أن تتحمل ايذاء زوجها أو أبو اولادها فلا تفضحه خوفا على سمعة اسرتها وأولادها.
الحلول المقترحة لمواجهة العنف ضد المرأة
@ تغيير النظرة الدونية للمرأة
@ تمكين المرأة واعطاؤها الكثير من الفرص التعليمية والوظيفية التي تساعدها للمساهمة في تحسين وضعها.
@ إنشاء مكاتب استشارات أسرية تساعد في التخفيف من التوتر بين الزوجين.
@ انشاء اسر بديلة لإيواء المرأة التي تتعرض للعنف وحمايتها وتوفير الرعاية لها ولأولادها.
@ ادخال مواد جديدة في المناهج الدراسية تهتم بتدريب الطلاب على السيطرة على الغضب وحل المشكلات بطرق سليمة.
@ وضع قوانين صارمة لحماية المرأة والطفل واعتبار العنف الأسري جريمة يعاقب عليها القانون.
@ انشاء مكاتب خاصة لمتابعة قضايا المرأة في المحاكم الشرعية واذا لم تكن المرأة مقتدرة مادياً للاستعانة بمحام فيكون من مسؤولية الدولة توفير المحامي لها.
@ تقنين الشريعة الإسلامية ومحاولة وضع حدود للجرائم بحيث لا تختلف الأحكام باختلاف القاضي فهناك أن يكون حد أدنى وحد أعلى لعقوبات الجرائم لا يكون العقاب قاسيا جدا لدى قاض ومتساهلا جدا لدى قاض آخر.
@ ازالة اللوائح التي تحول دون تمتع المرأة بحقوقها كإنسانة ووضع الآليات التي تساعدها على الاستمتاع بحقوقها التي تمنعها منها بعض العادات والتقاليد.
الأنظمة والقوانين ضد المرأة
وتوضح الدكتورة ليلى الهلالي رئيسة مركز الاستشارات الاجتماعية فتقول: إن أغلب الحالات التي نباشرها في المركز لدينا يكون النظام والقوانين المعمول بها معرقلة ولا تخدم المرأة فهي في اعتقادي التي ترفع مؤشر العنف ضد المرأة كما تضيف ان 80% من الحالات يكون الزوج هو المعنف المباشر للمرأة فتقول: في البداية كنت أتوقع ان المرأة الأمية ومتوسطة التعليم هي التي يقع عليها حالات عنف أكثر فكان العكس عندما وجدت انه حتى المرأة المتعلمة تتعرض لضغوط وحالات من العنف من قبل الرجل والزوج تحديدا تحت مباركة من انظمة للأسف تعمل على تهميش المرأة ووضعها في زاوية ضيقة تكون فيها تابعة للرجل فلا تستطيع التحرك قيد انملة دون موافقة من ولي الأمر الرجل حتى لو كان ناقص الأهلية. وتقول الهلالي وأقول لوزارة الشؤون الاجتماعية بأنه آن الأوان لوضع دراسة تشتمل على استثناءات للمرأة في الحصول على حقوقها المالية دون الرجوع للوكيل او ولي الأمر فلو أرادت المرأة فتح حساب لأطفالها لا يسمح لها النظام فكيف تكون مؤتمنة على حياتهم وسلوكياتهم ولا تؤتمن على اموالهم.
عنف غير معلن
وتضيف ان ابشع صور العنف غير المعلن وواضح وهو التهميش وعدم الاهتمام والحرمان من الكلمة الطيبة ومن العناية فقد قال الرسول الكريم "استوصوا بالنساء خيرا" لأن المرأة في تركيبتها بسيطة ومخلصة وغير متطلبة.
ففي نهاية المطاف تستحق من وليها كلمة طيبة ولمسة حانية فهي الأرض التي تنبت براعم المستقبل والمأوى للزوج والولد فلماذا تعنف من قبل الرجل الذي هو دائما بحاجة لها.
المجتمع السعودي اكثر تعقيدا
وفي السياق نفسه قدمت د. ميسون بنت علي الفايز اطروحة دكتوراه حملت عنوان "ظاهرة الاساءة الموجهة للمرأة: نحو اطار تصوري مقترح لدور الخدمة الاجتماعية في مواجهتها وقد استخدمت الباحثة مصطلح الاساءة كمرادف للعنف بكافة أشكاله شملت هذه الدراسة 14مؤسسة في مدينة الرياض تستقبل نساء تعرض للاساءة الجسدية والنفسية والجنسية من خلال الحصر الشامل لهن في تلك المؤسسات وظاهرة العنف مشكلة إنسانية عالمية وتظهر اكثر تعقيدا لدى المجتمع السعودي لعدة اسباب:
@ الخصوصية الثقافية للمجتمع السعودي الذي ينظر بخصوصية للعلاقات الأسرية.
@ عدم الابلاغ عن المتسبب بالعنف لأسباب متعددة وكون المتعرضة مكبلة بأعباء اسرية لا تستطيع التخلي عنها.
@ صعوبة اكتشافه وانكاره في حالة اكتشافه.
وقد تحددت مشكلة الدراسة لدى د. ميسون على الآتي:
عدم وجود معرفة علمية سابقة وكافية حول ظاهرة الاساءة الموجهة للمرأة في المجتمع السعودي من حيث مدى انتشارها وانواعها وحدوثها وخصائص المتعرضات لها.