وسائل ارتكاب جريمة غسل الأمـوال[/u
تتنوع وتتعدد الوسائل التى يتم استخدامها فى غسل الاموال حسب طبيعة كل عملية ومقدار مبلغها وظروفها والمكان الذى تتم فيه وذلك على الوجه التالى .
أولا : استغلال البنوك كواجهة :
تتطلب عملية غسل الاموال استخدام البنوك كواجهة ولذا تلجأ عصابات غسل الاموال الى استغلال بنك ليكون الواجهة المباشرة والنهائية للأموال القذرة .
وتهتم تلك العصابات بالبنوك الكائنة فى دول تتضاءل فيها الرقابة على عمليات غسل الاموال .
وقد كان بنك الاعتماد والتجارة الدولى المثال الواضح على ذلك حيث سمح عن قصد لغاسلى الاموال خاصة المتحصلة من جرائم المخدرات باستغلاله .
[u]ثانيا : الحسابات السرية وحسابات مجهولة الهوية :
رغم أن الاتجاه المصرفي الآن يحظر فتح حسابات سرية او بأسماء مجهولى الهوية تطبيقا لقاعدة ( اعرف عميلك ) إلا أن تلك الحسابات لا زالت تستخدم فى بعض الدول .
الغسل بالقرض المضمون
اى قيام غاسل الأموال بإيداع أمواله القذرة فى بنك بإحدى الدول التى لا تهتم بمصدر النقود ثم يقوم بتحريك هذه الاموال الى إحدى الدول التى بها رقابة شديدة على غسل الاموال ويقوم بإنشاء مشروع له فى تلك الدولة ويقترض من احد البنوك بها بضمان يكون عادة خطاب ضمان غير مشروط من البنك المودع به أمواله القذرة والتى يجعلها غطاء للضمان ولا يسدد المقترض قيمة ما اقترضه فى موعد الاستحقاق فيقوم البنك باسترداد أموال القرض من البنك الضامن عن طريق مصادرة خطاب الضمان والذى غطاؤه الاموال القذرة .
الغسل من خلال أسواق المال
من المعروف أن أسواق المال مجال آمن لغسل الأموال من خلال عمليات تلجأ إليها عصابات غسل الاموال فى شراء وبيع الأسهم والسندات عن طريق استغلال البورصات خاصة تلك التى تقل فيها الشفافية وتكون رقابة الدولة عليها ضعيفة أو عن طريق تأسيس شركات سمسرة فى شكل شركات مساهمة تكون مملوكة لهذه العصابات.
استخدام المؤسسات المالية غير المصرفية فى الغسل
تقوم عصابات غسل الاموال باستغلال المؤسسات المالية غير المصرفية التى تقوم بقبول ودائع الاموال او استبدال العملات وخاصة محلات الصرافة فى عمليات غسل الاموال سواء الايداع او السحب او التحويل او شراء او بيع العملات الأجنبية .
استخدام النشاطات التى تعتمد على النقد
كما يتم أحيانا الغسل بممارسة النشاطات التجارية التى تعتمد على النقد مثل تجارة السلع المعمرة – تجارة السيارات – المطاعم- القرى السياحية حتى يسهل خلط الاموال القذرة بايرادات تلك الأنشطة المشروعة وإيداعها البنوك .
الغسل من خلال التأمين
ومن المجالات الهامة التى تلجأ إليها عصابات غسل الأموال مجال التأمين خاصة فى العمليات التأمينية الكبيرة حيث يتم التأمين على تلك العمليات بمبالغ كبيرة ويتم سداد أقساط التأمين نقدا من اموال قذرة خارج البنوك وعند الحصول على التأمين يتم إيداع قيمته بالبنوك كأموال نظيفة .
الغسل عن طريق تجارة المعادن النفيسة والمقتنيات
تعتبر المعادن النفيسة من الماس والذهب والفضة والمقتنيات كالتحف والأعمال الفنية ذات القيمة العالية والأثريات المسموح بتداولها مجالا خصبا لغسل الأموال وذلك بسبب قيمتها العالية وبسبب الاختلاف الكبير حول أسعارها ولظهور طائفة من كبار الأغنياء المغرمين باقتناء هذه الأشياء والذين يعتبرون امتلاكهم لها احد مجالات علوهم وتفوقهم الحضارى .
أركان جريمة غسل الأمـوال
يشترط القانون فى بعض الجرائم توافر شرط اضافى يسمى بالشرط المفترض وهو حالة واقعية او قانونية ويحميها القانون ويفترض توافرها قبل وقوع الجريمة .
مثال ذلك تسليم مال منقول الى الغير بناء على احد عقود الأمانة كشرط لوقوع جريمة خيانة الأمانة ( المادة 341 عقوبات )وتوافر صفة الموظف العام فيمن يرتكب جريمة الرشوة ( مادة 103 عقوبات )
ويجب حتى يكون الشرط المفترض عنصرا فى الهيكل القانونى للجريمة ان يوجب القانون توافره إما من اجل وجود الجريمة أو من اجل اعتبارها من وصف قانونى معين ( جناية أو جنحة ) .
جريمة غسل الأموال كغيرها من الجرائم لها جانبان جانب مادى تتمثل فيما يصدر عن مرتكبيها من أفعال وما يترتب عليها من آثار اى المظهر الذى تبرز به الى العالم الخارجى وهو ما يطلق عليه الركن المادى .
أما الجانب الثانى فهو جانب نفسى يتمثل فى الإدراك والتمييز ( الاهلية الجنائية ) - والإثم الجنائى الذى يتمثل فيما يدور فى نفس مرتكبها اى ما يتوفر لديه من علم وما يصدر عن إرادته وهو ما يطلق عليه الركن المعنوى اى الإرادة الآثمة التى يقترن بها الفعل .
وتطبيق على ذلك على جريمة غسل الأموال نحو الاتى :
الشرط المفترض :
وهو الجريمة الأصلية أو الأولية فجريمة غسل الأموال تعد جريمة اثر او نتيجة شأنها فى ذلك شأن جريمة إخفاء الأشياء المسروقة ومن ثم فهى تفترض وجودا مسبقا لجريمة جنائية حقق مرتكبها فائدة او منفعة مباشرة او غير مباشرة
وهذه الجريمة السابقة هى ما نص عليها القانون المصرى على سبيل الحصر فى المادة ( 2 )من قانون مكافحة غسل الاموال وهى :
1- جرائم زراعة وتصنيع النباتات والجواهر والمواد المخدرة وجلبها وتصديرها والاتجار فيها
2- جرائم اختطاف وسائل النقل واحتجاز الأشخاص
3- الجرائم التى يكون الإرهاب –بالتعريف الوارد بالمادة ( 86 )من قانون العقوبات-أو تمويله من بين أغراضها أو من وسائل تنفيذها .
ويقصد بالإرهاب كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع يلجأ إليه الجانى تنفيذا لمشروع اجرامى فردى أو جماعى بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر ،إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو بالأموال أو بالمبانى أو بالاملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أومنع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالهم أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح.
كما يقصد بتمويل الإرهاب تقديم أو توفير الاموال لفرد أو منظمة لاستخدامها فى القيام بأعمال إرهابية .
4- جرائم استيراد الأسلحة والذخائر والمفرقعات والاتجار فيها وصنعها بغير ترخيص.
5- الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج
6- الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة الداخل
7- جرائم الرشوة
8- جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر
9- جرائم المسكوكات والتزييف
10- جرائم التزوير
11- جرائم سرقة الاموال واغتصابها
12- جرائم النصب وخيانة الأمانة
13- جرائم التدليس والغش
14- جرائم الفجور والدعارة
15- الجرائم الواقعة على الآثار
16- الجرائم البيئية المتعلقة بالمواد والنفايات الخطرة
17- الجرائم المنظمة عبر الحدود التى يشار إليها فى الاتفاقيات الدولية التى تكون مصر طرفا فيها
الركن المادى للجريمة :
هو سلوك اجرامى يصدر من الفاعل لتحقيق نتيجة معينة لذا فان عنصر السلوك او النشاط الاجرامى فى ظل القانون المصرى يتسع مفهومه ليشمل السلوك الايجابى إضافة الى الامتناع او النشاط السلبى . . وهذا السلوك ينطوى على اكتساب الاموال او حيازتها او التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها او استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها او التلاعب فى قيمتها .
وجريمة غسل الأموال من جرائم الخطر ومن ثم لا يتطلب تحقيقها نتيجة إجرامية فالنتيجة تندمج فى السلوك .
الركن المعنوى للجريمة :
الركن المعنوى للجريمة هو علاقة تربط بين ماديات الجريمة وشخصية الجانى تتمثل فى سيطرة الجانى على الفعل واثاره وجوهر هذه العلاقة العلم والإرادة .
والقصد الجنائى نوعين احدهما عام وهو علم الجانى بأن المال موضوع الغسل متحصل من إحدى الجرائم المنصوص عليها فى المادة(2 )واتجاه إرادته لذلك .
والأخر خاص وهو تعمد نتيجة معينة أو ضرر خاص ،فجريمة غسل الأموال جريمة عمدية يلزم لوقوعها توافر القصد الجنائى لدى الجانى بعنصريه العلم والإرادة اى يجب ان يعلم الجانى ان المال محل الغسل متحصل من إحدى الجرائم التى نص عليها القانون فى المادة الثانية على سبيل الحصر .
فإذا كان الجانى يجهل ان المال متحصل من اى من هذه الجرائم فلا يتوافر القصد الجنائى العام لديه وبالتالى لا تقوم الجريمة .
القصد الجنائى الخاص :
بالإضافة إلى القصد الجنائى العام استلزم القانون توافر القصد الجنائى الخاص حيث تنص المادة ( 1 / ب ) من القانون الى ان المقصود من غسل الاموال إخفاء المال او تمويه طبيعته او مصدره او مكانه او صاحبه او صاحب الحق فيه او تغير حقيقته دون اكتشاف ذلك او عرقلة التوصل الى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال وقد توافر العلم بطبيعة المال .
إشكاليات قانون مكافحة غسل الأموال :-
- النطاق الزمنى لتحقق القصد الجنائى فيما يتعلق بركن العلم به لان تحديد هذا النطاق يتوقف عليه تحديد الطبيعة القانونية لجريمة غسل الاموال من حيث كونها من الجرائم الوقتية او المستمرة .
ومؤدى ذلك بأن إسباغ وصف الجريمة الوقتية على جريمة غسل الاموال يتعين معه توافر العلم بحقيقة المال محل الجريمة وقت بداية ارتكاب السلوك المادى للجريمة ، اى تعاصر ركنيها المادى والمعنوى لحظة بدء النشاط او السلوك المؤثم ايا كانت صورته حتى تتوافر المسئولية الجنائية لمرتكب هذا السلوك ، وعليه فان الجريمة فى هذه الفرضية تكون قد استكملت كافة الأركان المــكونة منها والمتمثلة فى ركنــــها الـمــــادى
والمعنوى ، فإذا ثبت توافر عنصر العلم بعد استكمال السلوك فان الجريمة لا تتحقق .
وفى الفرضية الثانية فان إسباغ وصف الجريمة المستمرة على جريمة غسل الأموال يقتضى أن يتوافر ركنها المعنوى وتحديدا عنصر العلم فى اى وقت بعد البدء فى ارتكاب السلوك الاجرامى ، ومن ثم فانه لا يشترط توفر العلم لحظة ارتكاب السلوك المادى المكون للجريمة وإنما يكفى ان يتوافر العلم بمصدر المال غير المشروع فى اى لحظة تالية بعد ارتكاب السلوك المادى للجريمة .
وفى تأييد المذهبين اللذان تناولا وصف جريمة غسل الأموال فاننى أرجح المذهب الذى يرى أن جريمة غسل الأموال تعتبر من الجرائم المستمرة ومن ثم فانه من المتصور أن يتراخى توافر عنصر العلم فى القصد الجنائى ، بالأصل غير المشروع للمال محل الجريمة الى وقت لاحق على القيام بالسلوك المادى المكون لركنها المادى.