نقلا عن اليونيسيف
لا يتمتع 62 في المائة من سكان إفريقيا بإمكانيات استعمال مرفق صحي محسن ـ أي مرحاض حقيقي ـ يفصل بين النفايات البشرية وبين الاتصال البشري، وفقاً لبرنامج الرصد المشترك لإمدادات المياه والمرافق الصحية بين منظمة الصحة العالمية/واليونيسف.
سيصدر تقرير عالمي عن ذلك في وقت لاحق من هذا العام، غير أن البيانات المبدئية عن الحالة في أفريقيا صدرت اليوم في إطار يوم المياه العالمي 2008. ويسعى هذا اليوم، الذي يدور حول موضوع أن "للصرف الصحي أهميته"، لتوجيه الاهتمام إلى محنة نحو 2,6 بليون شخص حول العالم يعيشون بدون مجرد استعمال مرحاض في المنزل، ومن ثم يتعرضون لجملة من الأخطار الصحية.
استخدام المراحيض المناسبة وغسل اليدين ـ ويفضل بالصابون ـ يمنع نقل البكتريا والفيروسات والطفيليات الموجودة في إفرازات الإخراج البشري والتي بغير ذلك تلوث الموارد المائية والتربة والأغذية. ويمثل هذا الملوث أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالإسهال، الذي يحتل المرتبة الثانية في قائمة الأمراض التي تفتك بالأطفال في البلدان النامية، ويؤدي إلى أمراض خطيرة أخرى كالكوليرا والبلهارسيا والرمد الحبيبي.
وقد صرحت الدكتورة مارجريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية بأن "الصرف الصحي من دعائم الصحة العامة. يساهم تحسين الصرف الصحي مساهمة بالغة في صحة البشر ورفاههم. ونعلم أن بعض التدخلات البسيطة التي يسهل القيام بها تحدّ من خطر العدوى بأمراض الإسهال بمقدار الثلث. وللصرف الصحي أهميته لأن وجود مرحاض في البيت يقي الأسرة من المرض وتكاليف الرعاية الصحية والتغيب عن العمل والمدرسة".
وقالت السيدة آن م. فينمان، المديرة التنفيذية لليونيسيف: "إن ما يقرب من 40 في المائة من سكان العالم يفتقرون إلى إمكانيات استعمال المراحيض، وإلى الكرامة والأمان اللذين توفرهما. فانعدام الصرف الصحي الملائم يترك أثراً خطيراً على الصحة والتنمية الاجتماعية، ولاسيما لدى الأطفال. إن الاستثمارات في تحسين الصرف الصحي ستعجل بإحراز التقدم نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية وإنقاذ الأرواح".
ويشكل تحسين إمكانيات الصرف الصحي خطوة حاسمة صوب الحد من أثر هذه الأمراض. كما يساعد على تهيئة البيئات المادية التي تعزز الأمان والكرامة وتقدير الذات. وتتسم المسائل المتعلقة بالأمان بأهمية خاصة للنساء والأطفال، الذين يتعرضون لخطر التحرش والاعتداء الجنسي عند قضاء الحاجة ليلا وفي مناطق منعزلة.
كما يعود النهوض بالمرافق الصحية وتشجيع النظافة الصحية في المدارس بالفائدة على كل من تعلّم الأطفال وصحتهم. فالمدارس الملائمة للطفل التي توفر مراحيض منفصلة ومتسمة بالخصوصية لكل من الأولاد والبنات، فضلاً عن مرافق غسل الأيدي بالصابون، أقدر على اجتذاب الطلاب والاحتفاظ بهم، وخاصة الفتيات. وحيثما لا تتوافر هذه المرافق، كثيراً ما يجري سحب الفتيات من المدرسة لدى بلوغهن.
أما في مراكز الرعاية الصحية، فالتخلص من الفضلات البشرية للمرضى والموظفين والزوار تدبير صحي بيئي لا غنى عنه. ويمكن أن يسهم هذا التدخل في الحد من الأمراض المعدية المقترنة بمراكز الرعاية الصحية والتي تصيب نسبة تتراوح بين 5 و30 في المائة من المرضى.
ورغم تقديرات منظمة الصحة العالمية واليونيسيف بأن 1,2 بليون شخص على نطاق العالم قد حصلوا على إمكانيات الصرف الصحي المحسن بين عامي 1990 و2004، يُقدّر أن 2,6 بليون شخص، منهم 980 مليون طفل، لا يملكون مراحيض بالمنزل. وفي حالة استمرار الاتجاهات الحالية، سيظل هناك 2,4 بليون شخص بدون صرف صحي أساسي في عام 2015، وسيظل الأطفال بينهم يدفعون ثمن ذلك من أرواحهم التي تزهق ومن التعليم المدرسي الذي يفتقدونه ومن المرض وسوء التغذية والفقر.
ويقول باسكال ستيدوتو، رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية: "إن التركيز على الصرف الصحي ضرورة أساسية للبشر. وقد تأخر تحقيق الغاية المتعلقة بالصرف الصحي من الأهداف الإنمائية للألفية تأخراً خطيراً عن جدوله الزمني. ومنظومة الأمم المتحدة برمتها مسؤولة عن تعبئة الجهود العملية صوب تحقيقها؛ ويجب زيادة الاستثمارات لهذا الغرض على الفور". ولجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية هي الآلية المنسقة لوكالات وبرامج وصناديق الأمم المتحدة التي تؤدي دوراً هاما في معالجة الشواغل العالمية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي.
يتيح اليوم العالمي للمياه فرصة لجذب الاهتمام إلى السنة الدولية للصرف الصحي 2008؛ وهي سنة دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 2006 إلى التركيز فيها على التصدي لمشاكل الصرف الصحي والنظافة الصحية.
وترمي السنة الدولية للصرف الصحي 2008 إلى زيادة بروز قضايا الصرف الصحي على جدول الأعمال الدولي والتعجيل بالتقدم المحرز صوب الوفاء بالغاية المحددة في الأهداف الإنمائية للألفية بخفض عدد الأشخاص الذين يعيشون بدون إمكانيات محسنة للصرف الصحي بمقدار النصف بحلول عام 2015. أما داخل منظومة الأمم المتحدة، فجهة التنسيق للسنة الدولية للصرف الصحي هي إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، وذلك بالتعاون مع فرقة العمل المعنية بالصرف الصحي التابعة للجنة الموارد المائية.
فليس الصرف الصحي كلمة قذرة. بل إن للصرف الصحي أهميته.