نقلا عن مجلة المجتمع
قدرت منظمة اليونيسيف في دراسة أعدها مكتبها في العاصمة العراقية بغداد، عدد الأيتام في العراق بحدود4 - 5 ملايين طفل وأكثر من مليون ونصف المليون أرملة. وذكرت المنظمة أن أغلب هؤلاء الأطفال الأيتام يعيشون في مستوى متردٍ يصل إلى الحد الأدنى من مستوى المعيشة. ومع استمرار دوامة العنف في البلاد تتزايد أعداد الأيتام يوماً بعد آخر، الأمر الذي أدى بالعديد من المسؤولين العراقيين إلى المطالبة بإيجاد إستراتيجية طويلة الأمد لاستيعاب هذه المشكلة المتفاقمة.
وتقول نادرة عايف حبيب عضو لجنة الأسرة والطفولة في البرلمان العراقي: "إن ملف الأيتام في العراق من الملفات الحساسة التي تحتاج إلى حكمة في المعالجة. وأضافت: إن أعداد الأيتام في العراق تزايدت بسبب الحروب المتواصلة التي تعرضت لها البلاد". مشيرة إلى أن إحصاءات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية تقول: إن هناك من ثلاثة إلى أربعة ملايين يتيم في العراق. وتؤكد النائبة على أهمية تفعيل مشاريع القروض الصغيرة التي توزع على الفقراء والمحتاجين بمن فيهم الأيتام الذين تزيد أعمارهم على 15 سنة، لأن ذلك سيساهم في توفير أجواء ملائمة للعمل والعيش الكريم. وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة: إنه على الرغم من أن عدد الأطفال الذين يعيشون دون مستوى الحد الأدنى، والبالغ عددهم نحو مليوني طفل عراقي، مازالوا يواجهون تهديدات بالغة الخطورة كسوء التغذية والمرض والتلكّؤ في التعليم إلا أن الدلائل تشير إلى إمكانية بذل مزيد من الجهد المنسق لتقديم المساعدات وتشير المنظمة إلى أن العديد من الأطفال في العراق مازالوا يواجهون تهديدات بالغة الخطورة، حيث وقع الكثير منهم ضحايا تبادل إطلاق نار في الصراعات التي استمرت على مدار السنين الماضية. وترعى الدولة حالياً 469 يتيماً موزعين على 15 داراً عامة للأيتام وهو رقم ضئيل إذا ما قورن بعدد الضحايا الذين يسقطون يومياً في بلد مزّقه العنف مثل العراق. وتحض الأعراف الاجتماعية والدينية في المجتمع العراقي على رعاية اليتيم.
يقول (أبو أنس) من أهالي بغداد: إنه يرعى أربعة اطفال أيتام هم أبناء أخيه الذي قتل في حادث تفجير وسط بغداد، مضيفاً أن عاداتهم الاجتماعية لا تسمح لهم بالتخلي عن أطفال أقاربهم مهما كانت الظروف. ويستطرد قائلاً: "لقد اضطررت إلى جلبهم للعيش مع أطفالي وعائلتي وأنا الآن أعول عائلتين، وجل ما أخشاه أن تساهم الظروف المعيشية الصعبة في إجبارهم على سلوك طريق الجريمة والانحراف".
وذكرت المنظمة العالمية: إن 20 % فقط من أطفال العراق خارج مدينة بغداد يحصلون على خدمات شبكة الصرف الصحي في مناطق سكناهم، ويظل الحصول على الماء الصالح للشرب مشكلة كبيرة لقي جراءها مئات الاطفال حتفهم، إضافة إلى ما يتعرضون له من خطورة الأعمال المسلحة وتعرض عائلهم الرئيس لعمليات الخطف أو القتل.
دور الأيتام: عودة إلى الوراء
وتقول "عبير الجلبي" وهي مسؤولة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية: "إن رعاية اليتيم يجب ألا تقع على جانب الحكومة فقط". وتعتقد أن تزايد عدد دور الأيتام ليس حالة صحية وحضارية، بل هي عودة إلى الوراء، وبينت أن سجلات الوزارة تشير بالفعل إلى وجود 469 يتيماً موزعين على 15 داراً في بغداد والمحافظات. وتضيف الجلبي: "لابد من اتباع آلية أخرى تساهم بكفالة اليتيم من خلال أسرته وليس من خلال دور رعاية اليتيم؛ إذ إن ذلك سيكفل رعاية لليتيم في كنف أسرته ويعود بالأثر الإيجابي عليه. وتضاف إلى زيادة أعداد الأيتام معضلة أخرى تتمثل في صدور قرار حكومي يمنع افتتاح دور خاصة لرعاية الأيتام ويغلق القائم منها".
وتشير ميسون الدملوجي عضو لجنة مؤسسات المجتمع المدني في البرلمان إلى إرباك سببُه قرار إغلاق دور الأيتام الخاصة، قائلة: ثمة مشكلات ما زالت دور الأيتام تعاني منها، في مقدمتها قرار الحكومة الأخير بإغلاق دور الأيتام التابعة للقطاع الخاص. فبدلاً من أن تسعى الحكومة إلى إيجاد سبل النجاح لهذه الدور وتذليل العقبات التي تواجه عملها قامت بإغلاقها ما سبب إرباكاً لدور الدولة التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية وهذا ما ألحق أضراراً بمئات الأيتام. ولا تقتصر الصعوبات التي يعاني منها قطاع رعاية الأيتام في العراق على قلة أعداد دور الإيواء الخاصة بهم، بل يتعدى ذلك إلى ضعف الرعاية التي يتلقاها نزلاؤها. ففي شهر يونيو الماضي داهمت قوات أمريكية عراقية مشتركة مؤسسة الحنان لرعاية الأيتام في بغداد، وهي مؤسسة حكومية وعثرت على عدد من الأيتام العراقيين تظهر عليهم آثار المجاعة والمرض والإهمال.