نقلا عن مجلة المجتمع
حقائق مفزعة.. نشرها "تقرير مخدرات العالم لسنة 2007م" الذي يعده "مكتب مكافحة الجريمة والمخدرات" التابع لمنظمة الأمم المتحدة، فحجم تجارة المخدرات بلغ العام المنصرم 322 مليار دولار سنويّاً وهو مايعادل الناتج المحلي ل 90% من دول العالم، وكشف التقرير عن نجوم ومشاهير سقطوا في مستنقع الإدمان فخرجوا من دائرة الضوء إلى عالم النسيان حيث الإدمان.. ورصد التقرير حقائق مريرة عن حجم تعاطي المخدرات بمعدلاتها، وعن تزايد حجم زراعتها في دولة مثل أفغانستان بعد الغزو الأجنبي لها وتولي حكومة كرزاي، مما يؤكد أنه لا أمن ولا انضباط حدث في ظل هذا الاحتلال؛ بل أصبحت افغانستان تمد العالم ب 92% من المخدرات، والمغرب تمد أوروبا ب 70% من الحشيش!
هذا ما كشفه أحدث تقارير الأمم المتحدة حول المخدرات (1)، والذي أوضح أن الإنتاج على مستوى العالم يفحش ثراء عصابات التهريب وتجار التوزيع على حساب غياب الوعي وذهاب العقل والمروءة والمال والنفس.
وأكد أن الشباب هم أكثر فئة تقع ضحية هذا الإدمان وما يترتب عليه من معضلات، وفي سبيل الحصول على المخدر تحدث الرشوة والسرقة والدعارة والاختلاس، وعند التخدير يقع القتل والاغتصاب وكل الخبائث، كما يرتبط حقن المخدرات بالإيدز والتهاب الكبد الفيروسي.
نجوم ومشاهير: ويؤكد التقرير أن (النجوم) و(المشاهير) لم يستطيعوا مقاومة إغراء المخدرات فهووا إلى مكان سحيق، ومن أمثلة ذلك وفاة نجم الدراجات العالمي "بانتاني" الذي فاز بسباقي "تور دو فرانس" و"جيرو ديطاليا" نتيجة للتسمم بالكوكايين سنة 2004م.
وكان "مارادونا" نجم كرة القدم الأرجنتيني قد تعرض عام 2004م لأزمة قلبية حادة بسبب تعاطيه لجرعة زائدة من الكوكايين، وأخيراً أعلنت نجمة التنس السويسرية "مارتينا هينجز" اعتزالها اللعبة بعد أن كشفت الاختبارات عن تعاطيها الكوكايين خلال بطولة ويمبلدون هذا العام.
وأكد تقرير الأمم المتحدة ارتفاع معدل تعاطي الكوكايين في أوروبا وخصوصاً في صفوف الفئات المهنية والمتعلمة، وأن وسائل الإعلام تتعامل مع تعاطي المشاهير للمخدرات بطريقة غير نقدية، وهو ما يوجه رسائل متضاربة للفئات الشابة.
المخدرات وأوروبا: ويكشف تقرير مخدرات العالم لسنة 2007م أن 54 ألف شخص ماتوا في بريطانيا بسبب المخدرات في المدة بين 1985 و2004م، وبلغ العدد في عام 2000م وحده أكثر من 3500 حالة، وتم الإبلاغ عن 400 حالة وفاة ناجمة عن تعاطي الكوكايين وحده العام الماضي بأوروبا طبقاً لوكالة مكافحة المخدرات التابعة للاتحاد الأوروبي(2).
وقد أظهر تقرير الوكالة ارتفاع عدد متعاطي الكوكايين في دول القارة الأوروبية إلى 4.5 مليون نسمة في العام الماضي، وهذا الرقم يمثل زيادة بمقدار مليون نسمة عن عام 2006م.
وأشار إلى أن إسبانيا وبريطانيا سجلتا أعلى معدلات انتشار الكوكايين، أما الدانمرك وإيطاليا فسجلتا أعلى معدلات تعاطيه، حيث أظهر التقرير أن مليوني أوروبي تعاطوا المخدر في الشهر الماضي فقط، وحذرت الوكالة الأوروبية من أن 7% من الأوروبيين (23 مليوناً) قد تعاطوا الحشيش في العام الماضي وثلاثة ملايين شخص يتعاطونه بشكل يومي.
وذكرت إحدى الصحف الأيرلندية أن مؤشر تزايد استخدام الكوكايين في أيرلندا يدل على أن "هناك شيئاً ما متعفن في قلب النمو الاقتصادي الكبير الذي تشهده أيرلندا"، واتضح أن 100% من أوراق النقد في جمهورية أيرلندا تحمل آثاراً لمادة الكوكايين المخدرة، وذلك نتيجة تلوثها من أشخاص يتعاطون هذه المادة أو يتاجرون بها، وهذا هو ما اكتشفه باحثون أيرلنديون استخدموا أحدث تقنيات تتبع آثار المواد الكيميائية.
وقال علماء من جامعة دبلن: إنهم "أصيبوا بالدهشة لما وجدوه" حيث إن جزيئات مادة الكوكايين تلتصق بخيوط القطن الرفيعة التي تتواجد في أوراق النقد(3).
322 مليار دولار حجم التجارة
والخطير أن تقرير الأمم المتحدة عن مخدرات العالم كشف أيضاً عن أن قيمة التجارة الدولية في المواد المخدرة قد وصلت إلى 322 مليار دولار أمريكي سنوياً وهو أكبر من الناتج المحلي لحوالي 90 % من بلدان العالم.
وأكد التقرير ثبات سوق المواد المخدرة والعقاقير المنشطة خلال عام 2007م على مستوى العالم، حيث سجلت عمليات المكافحة تقدماً ملحوظاً، وأشار إلى أنه خلال العام تم ضبط أكثر من نصف الإنتاج العالمي من الكوكايين، وربع مخدر الهيروين، وهذا في 131 دولة تمثل 1.5 مليون حالة مصادرة لشحنات مخدرة في العام الماضي.
أما عن تهريب الأفيون، فهناك ثلاثة مسارات دولية رئيسة، تُعَدّ المسارات الأفغانية أهمها، حيث تقوم بمد دول الجوار خاصة الشرق الأوسط وإفريقيا. وتأتي دولة ميانمار (بورما) كثاني المعابر التي يتم عبرها تهريب الأفيون إلى الصين وأستراليا، بينما تحل المكسيك كثالث المسارات التهريبية لدول الأمريكتين وكندا.
5% من سكان العالم متعاطون
أما عن التعاطي فهناك أكثر من 200 مليون شخص أي 5 % من إجمالي سكان العالم من الفئة العمرية بين 15 و64 عاماً استخدموا المخدر لمرة واحدة على الأقل خلال العام الماضي.
ويعتبر الحشيش من أوسع المخدرات استعمالاً، حيث يقول التقرير: إن عدد المتعاطين له يناهز 160 مليوناً، أما متناولو مشتقات الأفيون، فيصل عددهم إلى 16 مليوناً يمثلون نحو 4% من سكان العالم، بما في ذلك 10.5 ملايين يتعاطون للهيروين المستخرج من الأفيون. وتقدر الإحصاءات وجود نحو 14 مليون نسمة يتعاطون الكوكايين بنسبة 3% من إجمالي السكان.
ويقدر عدد المتعاطين للعقاقير المخدرة بنحو 9 ملايين متعاط، أي بنسبة 2% من سكان العالم من الفئة العمرية 15 65 سنة، وتسجل أوروبا أعلى نسبة بأكثر من 3 ملايين نسمة.
وتحافظ مادة Amphetamine الأمفاتامين المنبهة، التي تتضمن عقار Ecstasy إستاسي، على مكانتها كثاني أكثر المخدرات شعبية، حيث أشار التقرير إنه خلال الفترة ما بين عامي 2005-2006م استخدم نحو 25 مليون شخص هذه المادة المخدرة، لمرة واحدة، على الأقل، خلال العام الماضي، وهو ذات معدل العام الذي سبقه.
وأورد التقرير أن إنتاج أفغانستان من الأفيون عام 2006م تزايد بنحو 50% من العام الذي سبقه، ليرفع الإنتاج العالمي من المادة إلى معدل قياسي جديد. وساهمت أفغانستان العام الماضي بنحو 92% من إجمالي إنتاج العالم من المادة المخدرة، وتوسعت مناطق زراعة المخدرات في البلاد من 257 ألف فدان عام 2005م إلى 407 آلاف فدان العام الماضي.
أما الأكثر خطورة فهو أن هذه الإحصاءات المتوفرة لا يتوافر مثلها في العالم النامي والمتخلف وغالبية بلداننا العربية والإسلامية من ضمنها، وبالتالي فأخطار رصد الإدمان لدى العرب والمسلمين غير واضحة وحجم المشكلة غير مرصود رغم أنه ملموس، مع تزايد حالات الفقر والبطالة ولجوء الشباب المحبط اجتماعياً وسياسياً للمخدرات، وما يرتبط بكيفية الحصول عليها من جرائم ومشكلات اجتماعية.
الأخطار الاجتماعية تتطلب وقفة
فالمخدرات تصيب البشر في مقتل وهم أغلى موارد الاقتصاد والتنمية فتستنزف كفاءتهم بالأمراض الجسدية والنفسية والعقلية.
وتشير الدراسات الاجتماعية إلى بعض العوامل وراء تعاطي الشباب للمخدرات ومنها: التفكك الاجتماعي، وانتشار البطالة وشيوع الفقر، واغتراب الشباب وتهميشهم، والدور الهدام لوسائل الإعلام وبخاصة المرئي كالتلفزيون والسينما وأشرطة الفيديو والكمبيوتر والإنترنت، والتي تستهدف الترفيه عن طريق الإباحية، والتي تتضمن مواقف تشجع على الإدمان بصورة مباشرة وغير مباشرة؛ مما يثير في نفوس الكثير من الشباب والمراهقين غريزة الفضول وحب التقليد.
ويكفي أن نعلم أن أوروبا تصرف سنوياً 36 مليار يورو على محاولة تقليل العرض والطلب للمخدرات على أرضها (4) تاركة أصل المشكلة في أرضنا التي من الممكن أن يتغير وجهها تماماً بجزء من هذه الأموال!